من ملفات المخابرات المصريه
(الثعلب المصرى)
نشاْة الثعلب
نشأ سمير فؤاد الاسكندراني في حي الغورية ، وقضى فيه طفولته وصباه، وعاش مع أبوه الحاج فؤاد سهرات وأمسيات الأدب والفن والغناء، فوق سطح منزله هناك، وامتزجت طفولته بأشعار بيرم التونسي ، وألحان الشيخ زكريا احمد، وغناء أبوه بصوته العذب، وأحاديث السياسة والحرب والاقتصاد..
ولكن إستمرار الوضع كان من المحال.. فلقد انتقلت العائلة من الغورية إلي شارع عبد العزيز، ليتغير ذلك العالم كله، وتنقلب الحياة رأسا علي عقب، فالطباع المصرية الأصلية اختفت وتوارت، لتحل محلها عائلات وتقاليد إيطالية ويونانية وإنجليزية وتحول الحاج
سيد الصعيدي البقال البسيط إلي جورج باباكرياكو البقال اليوناني المتغطرس، والحاج عبد الفضيل بات الخواجة أرتين، ولم تعد هناك جارتهم الست نبوية، لكن أصبحت سنيورا ماريا، وابنتها الفاتنة يولندا..
ويولندا تلك بالذات، كان لها أبلغ الأثر في حياة سمير، فقد احبها، وعشق من أجلها كل ما هو إيطالي، وقضى بصحبتها أمسياته الجميلة، فوق سطح بيت شارع عبد العزيز وأمتزج بعصبة أمم مصغرة، من الشباب الإيطاليين واليهود..
ومن أجلها، قرر أن يتعلم اللغة الإيطالية، ويتقنها، حتى يبثها حبه ولواذع قلبه بلغتها الأم..وتفوق سمير في دروس الإيطالية ونجح في الحصول علي بعثة دراسية في مدينة بيروجيا الإيطالية، لدراسة الأدب واللغة في جامعتها المشهورة..
السفر لايطاليا
وسافر سمير قبل توقيت السفرية بثلاثة أسابيع، ليزور والدة الدكتورة ماريا هايدر، الأستاذة بجامعة فيينا، التي دعته لقضاء السهرة في مرقص متواضع، راح يراقصها فيه بكل مرح وبراعة، وضحكاتها تملا الموضع، حتى ارتطمت قدمه عفوا براقص آخر، التفت إليه في حده يسأله عن جنسيته، وعندما أجابه بأنه مصري، ارتسم الحنق علي وجه هذا الراقص، ولوح بقبضته في وجهه، صائحا في مقت حاد:
- وأنا إسرائيلي، ويوما ما سنحتل مصرك كلها، وعندئذ سأبحث عنك أنت بالذات، وسط الخراب والحطام، وأقتلك مرتين، وقبل أن يتم عبارته، قد كانت قبضة سمير تحطم فكه، وتحول المقر كله إلي ساحة قتال..وفي بيروجيا، اقام عند السيده سنيورا كاجيني، التي عاملته كابنها، وأكرمت وفادته، وقضى في منزلها منحته الصيفية،
وعاد إلي العاصمة المصرية القاهرة، وكله شوق ولهفة، للقاء حبيبة الفؤاد يولندا،
وسكب عبارات الغزل الإيطالية في أذنيها..ولكن قد كانت هناك في انتظاره مفاجأة مؤلمة..لقد رحلت يولندا مع أورلاندو، صديقها القديم،
ليتزوجا في أوروبا ونسيت ما كان بينهما.وقد كانت الصدمة قاسية عليه، ولكنها لم تحطمه، وإنما دفعته للاستزادة من دراسته للغة الإيطالية، حتى حصل علي عطية دراسية ثانية، في جامعة بيروجيا، التي سافر إليها في الصيف ، ليقيم أيضاً عند سنيورا كاجيني..
اللقاء بسليم
وذات يوم، وهو يلعب البياردو في الجامعة، التقى بشاب فطن، يجيد العربية بطلاقة مدهشة، ويتحدث الفرنسية والإيطالية والإنجليزية في براعة، وهذا غيرإجادته لبعض ألعاب الحواة، التي بهرت طلبة جامعة بيروجيا، وأدهشت سمير جدا.. وقدم الشاب ذاته بأسم سليم، وسرعان من توطدت أواصر الصداقة بينه وبين سمير، وأخبره انه يعقد
بعض العمليات التجارية التجارية، التي تحتاج سرعة فى التحرك والسريه، الأمر الذي يقوم بتبرير اختفاءه كثيرا عن بيروجيا، ثم ظهوره المباغت في مراحل غير منتظمة، وهو يصطحب في أكثرية الأحيان بنات فاتنات، وينفق عليهن في سخاء ملحوظ..وعلي الرغم من انبهار سمير بذلك الشاب ، الا انه بدآ يحتاط منه فراح يتعامل معه في بساطة ظاهرية، وتحفز خفي، نجح فى ذلك بمهارة، وكأنه ثعلب فطن، يجيد المراوغة والخداع..
وذات يوم، أخبر احدهم سمير أن ذلك الشاب ليس عربيا، وانه يحمل جواز سفر أمريكيا، الأمر الذي ضاعف من شكوك سمير وحذره، فقرر أن يراوغ سليم أكثر وأكثر، حتى يعلم ما يخفيه، وراء شخصيته المنمقة الجذابة، حتى كان يوم صرح له فيه سليم:أن طبيعتك تدهشني بشكل كبير يا سمير، فأنت أكثر قربا إلي الطراز من الغرب، منك إلي الطراز العربي.. كيف نشأت على وجه التحديد؟
سليم يسقط فى فخ الثعلب
وهنا وجدها سمير ضالته لمعرفة نوايا سليم ، فأستغل معرفته الجيدة بطباع المجتمع الأوروبي واليهودي، التي أكتسبها من أمسيات سطح شارع عبد العزيز وابتكر حكاية سريعة، أختلقها خياله بدقة وسرعة مدهشتين، ليدعي أن جده كان يهوديا، واسلم وليتزوج
جدته، ولكن أحدا لم ينس أصله اليهودي، الأمر الذي دعى أبوه إلي الهجرة للقاهرة عاصمة مصر، حيث عرف والدته، ذات الطابع اليوناني، وتزوجها، وانه أكثر ميلا لجذوره اليهودية، منه للمصرية..وسقط سليم في فخ الثعلب، وأندفع يقول في حماس:كنت أتوقع ذلك.. أنا ايضا لست مصريا يا سمير ، أنا يهودي.
وابتسم الثعلب الكامن في أعماق بطلنا في سخرية، عندما وعى أن لعبته قد أفلحت، ودفعت سليم لكشف هويته..
ولكن اللعبة لم تقتصر علي ذلك فقدم سليم صديقه سميرالي رجل أخر، يحمل اسم جوناثان شميت، ثم أختفي كليا، بعدما اختتم مهمته، باختيار العنصر الصالح لعمليه هامه، وأتى دور جوناثان لدراسة المقصد وتحديد نطاق صدقه وجديته..
وأدرك سمير انه تورط في أمر بالغ الخطورة، ولكنه لم يتقهقر، وإنما مضى يقنع جوناثان ، الذي لم يكن إلا أحد ضباط الموساد الإسرائيلي، بكراهيته للنظام، ورغبته في الشغل ضده، حتى عرض جوناثان الشغل لصالح ما أَطلَق عليه بمنظمة البحر الأبيض
المتوسط، لمقاتلة الشيوعية والاستعمار، في مقابل مرتب شهري ثابت، ومكافآت متغيرة، استنادا لمجهوده وسعر الخدمات التي يستطيع تقديمها، فوافق سمير علي الفور، وبدأ تدريباته علي الحبر السري، والتمييز بين الرتب العسكرية، ورسم الكباري والمواقع العسكرية، وتحديد سمك الخرسانة، ثم دعى جوناثان سميرالى الالتحاق بالقوات
المسلحةالمصريه، عند رجوعه إلي جمهورية مصر العربية، وأعطاه مبلغا كبيرا من المال، ومجلة للإعلان عن ناد ليلي في روما، مطبوعة فيها صورته وهو يغني في بعض السهرات، كتبرير لحصوله علي المال..
وعاد سمير إلي بيروجيا ليستقبل أخوه الأوحد سامي، الذي حضر ليقضي معه بعض الوقت، قبل سفره إلي النمسا، وقضى سمير مرحلة عطلة أخوه كلها في إرتباك حاد، ثم لم يلبث أن اقدم على اطلاع اخيه على الامرفي أخر لياليه في بيروجيا، وقبل سفره إلي
النمسا، وروى له الرواية كلها، ثم أمره بالكتمان القوي..وأصيب سامي بالهلع، لما رواه له أخوه، وطلب منه الحرص الزائد، والتوجه فور رجوعه إلي جمهورية مصر العربية، إلي الإستخبارات العامة، ليروي لها كل ما يملك..وقد كان ذلك ما قرره سمير بالفعل، وما ثبت رأيه عليه، ولكنه في الوقت نفسه كان يصر علي ألا يخاطر بما يملك من بيانات،
وبالا يطلع عليها الا افرد واحدا في جمهورية مصر العربية.. القائد جمال عبد الناصر ذاته...وفور رجوعه إلي القاهرة عاصمة مصر، وعن سبيل احد أصدقاء أبوه، تم الاتصال بالمخابرات العامة وبمديرها صلاح نصر، الذي بذل جهدا كبيرليعرف ما لديه ولينتزع ما يملك من بيانات، ولكن سمير أصر في عناد حاد علي ألا يبوح بما يملك سوى
للرئيس شخصيا.. و كان ما اراد.. فاستمع القائد عبد الناصر إلي الرواية التي رواها سمير، وشاهد مع مدير الإستخبارات هذه الحقيبة التي أعطاها جوناثان له، بجيوبها السرية، والعملات الاجنبية، والحبر السري وغيره من معدات التجسس، التي اطلع عليها القائد كلها، ثم رفع عينيه إلي سمير وتحدث له :
أعتقد أن دورك لم ينته بعد يا سمير.. فاجابه الشاب في حماس حاد: أنا رهن إشارتك يا سيادة القائد، ودمي فداء لمصر.وقد كان ذلك إيذانا ببدء فصل حديث من الموقعة.. الفصل الأكثر خطورة
العمل لحساب المخابرات المصريه
بدأ سمير يعمل لحساب الإستخبارات المصرية، وتحت إشراف رجالها، الذين وضعوا الشأن برمته علي مائدة البحث، وراحوا يقلبونه علي كل الوجوه، ويدربون الشاب علي وسائل المراوغه، وطريقة الاحتيال بخبراء الموساد..
وقد كان سمير ثعلبا حقيقيا، أستوعب الشأن كله في سرعة وإتقان، وبرزت فيه مواهبه الشخصية، ومقدرته المدهشة علي السيطرة على انفعالاته، وبراعته في التداول مع العدو، فراح يرسل بيانات سرية عن مواقع عسكرية ومراكز قيادية،
ومعلومات عن برج العاصمة المصرية القاهرة، الذي كان محطة رادارية مهمة، ومواقع أخري لها فاعليتها ، دون أن يبدي حنكة غير عادية، تستطيع أن تثير شكوك العدو..
فذات يوم، عرض جوناثان على سميرتجنيد احد اقاربه من العسكريين، وقد كان ذلك القريب رجلا ناضجا، يفوق الشاب عمرا وشخصية، ولم يكن من المنطقي أن ينجح سمير في تجنيده، لهذا فقد أعتذرعن هذا الامر معلنا عدم استطاعته ذلك الأمر الذي جعل جوناثان يطمئن لصدقه، فلو استجاب لمطلب صعب كهذا، لراود العدو الشك في
مصداقيته وإخلاصه، وقطع علاقته به على الفورولكن جهاز الإستخبارات المصري كان يقظا.. وسمير كان ذكيا حريصا وكتوما، وفي ذلك الحين قد كانت تلك الصفة الأخيرة سببا في عديد من المشاكل، التي واجهها أثناء مهمته تلك، فعلي الرغم من أن أبوه كان يعرف بأمر ذهابه الي الإستخبارات، فور رجوعه من ايطاليا، سوى أنهم افهموه ان هناك مجرد شبهات بدون أساس، وان ابنه بالغ كثيرا في أمر لا يستحق،
وطلبوا من سمير أن يخفي عن أبوه على الإطلاق أمر عمله معهم حتى يحاط الشأن بأضخم قدر محتمل من السرية، ولكن أبوه لم يتقبل غيابه الطويل، ولا رجوعه ذات ليلة متأخرا، فثار في وجهه، وطرده من المنزل، والشاب يتمزق حزنا، ولا يمكنه تبرير موقفه في مواجهة أبوه، الذي يعتبره طيلة عمره مثله الأعلى..
ولكن يالعجائب الأقدار.. لو لم يطرد الحاج فؤاد نجله ذلك الليلة، لفشلت العملية كلها وربح الموساد اللعبة، فسبب التأخير هو أن سمير كان يعد خطابا خاصا للعدو، بمعاونة ضابط اتصال من الإستخبارات المصرية، ورسم فيه بعض المواقع العسكرية، ولكنه أخطا في بعض النماذج العسكرية الهندسية، فأصلحها له ضابط الاتصال في عفوية،
بفضل خبرته ودراساته العسكرية القديمة، الأمر الذي أضطر سمير الي أعادة بلوَرة الكلام مرة أخري برموزه الصحيحة، وحمله معه ليرسله الي جوناثان بالأساليب المألوفة، ولكنه بلغ الي منزله متأخرا، فطرده أبوه، واضطر للمبيت عند زميل له من أصل ريفي، وأصابته نوبة أنفلونزا، نتيجة لانتقاله من وسط المدينة إلي إمبابة في الليل ، فسقط طريح الفراش طوال الأسبوع، ولم يرسل الكلام..
وفي الوقت ذاته، انتبه ضابط الاتصال الي انه من غير الطبيعي أن يرسم سمير النماذج العسكرية الهندسية الصحيحة، وهو لم يتعلمها علي يد جوناثان وفريقه، وانه من المفروض أن يرسل سمير المعلومات العسكريه غيرصحيحة، فأنطلق يبحث عنه ويدعو الله الا يكون قد بعث الكلام، وإلا وعى الإسرائيليون أن هناك من يرشده، وتفشل العملية
كلها... وعثر الضابط علي سمير، وحمد الله سبحانه وتعالي علي انه لم يرسل الكلام، فأخذه منه وجعله يكتبه مرة أخري ، وبدون تصحيح، وأرسله الي جوناثان..وعلى مدار الساعة كان سمير يشكو في خطاباته الي جوناثان من احتياجه القوي للمال، ويهدد بالتوقف عن الشغل، لو لم يعملوا علي إخراجه من ضائقته المالية، وفي الوقت ذاته كان
يرسل لهم عشرات البيانات والصور، التي سال لها لعابهم، وجعلتهم يتأكدون من انه زبون هائل لايمكن و يستحيل التضحية به،تحت اى ظرف كان فطلبوا منه استئجار صندوق بريد، وأخبروه أنهم سيتدبرون أمر تزويده بالنقود المطلوبة.
وبعثوا له ثلاثة الآلاف دولار إلي صندوق البريد، داخل العديد من مظاريف بعثت كلها من داخل جمهورية مصر العربية، لتعلن عن شبكة كبيرة جدا من زبائن إسرائيل، تتحرك في حرية داخل البلاد وتستنفذ أسرارها وأمنها.وبدأت حملة ممنهجة للإيقاع بالشبكة كلها، ولكن الإسرائيليين استدعوا سمير، وطلبوا منه السفر بسرعة الي روما،
وهناك أخضعوه الي استجواب صعب، حتى تاكدوا من مضاعفة ثقتهم به، ورجوعه الي جمهورية مصر العربية بأوامر وإرشادات وطلبات حديثة، فاستأجر شقة في شارع قصر العيني، وأرسل يطالب جوناثان بالمزيد من المال، لتغطية النفقات ومصاريف إنشاء الشقة، وأفصح خوفه من إرسال الأفلام التي يلتقطها للاهداف الحيوية، خشية أن تقع
أيدي الجمارك ورجال الرقابة، فأرسل إليه جوناثان رقم بريد في الإسكندرية، وطلب منه إرسال طرود الأفلام إليه، وسيتولى صاحبه إرسالها إلي جوناثان ذاته..وبدأت خيوط الشبكة تتكشف شيئا فشيئا، وعيون رجال الإستخبارات المصرية تتسع أكثر وأكثر، في
تعجٌّب ودهشة فلقد كانت أكبر شبكة تجسس عرفت فى هذا الوقت منذ جواسيس قيصر دولة روسيا، في بدايات القرن، ومعظمها من الأجانب المقيمين في جمهورية مصر العربية، والذين يعملون بمختلف المهن، ويحملون جنسيات مغايرة..
فمن مصمم ديكور يوناني، الي مستوظف فندق إيطالي، الي دبلوماسي ألماني، وجرسون ومدرس وممرضة..
وأدركت الإستخبارات المصرية أنها في مواجهة صيد كبير، يستحق كل التعب المبذول، وقررت أن تعد خطتها بكل دقة وذكاء، وتستعين بقدرات سمير الثعلبية، لسحق الشبكة كلها دفعة واحدة، في أول عمل من نوعه، في عالم الإستخبارات.
سقوط شبكة التجسس فى مصر
وبخطة فطنة وأنيقة، تتطلب الي مجلد كامل لشرحها، استطاع سمير إقناع الإستخبارات الإسرائيلية بإرسال واحد من أخطر ضباطها إليه في العاصمة المصرية القاهرة، وهو موسى جود سوارد، الذي نزل الى القاهره متخفيا، ولكن الإستخبارات المصرية راحت
تتبع خطواته في دقة مدهشة، حتى توصلت الي مكان معيشته، وكانت اتصالاته السرية برجلين هما رايموند بترو، المستوظف بأحد الفنادق، و هيلموت باوخ، الدبلوماسي بأحدي السفارات الأوروبية، والذي ينحدر من أم يهودية، ويتولى عملية إرسال العمليات إلي الخارج، مستخدما الحقيبة الدبلوماسية على نحو شخصي..
وبضربة مباغته، ألقت الإستخبارات المصرية القبض علي موسى، وتحفظت عليه، دون أن تعلن النبأ، أو تسمح للآخرين بمعرفته، وتمت الهيمنة عليه ليرسل خطاباته بنفس الثبات الي الموساد، حتى يتم أماط اللثام الشبكة كلها،
والإيقاع بكل عناصرها..وكسرب من الذباب، انطلق في وجهه مادة تقتل الحشرات ، راح زبائن الشبكة يتساقطون واحد بعد الأخر، والحقائق تنكشف أكثر وأكثر، ودهشة الجميع تتزايد وتتزايد..
ثم قد كانت لحظة الإشعار العلني عن العملية كلها، وأتى دور الإسرائيليين لتتسع عيونهم في تعجٌّب، وهم يكتشفون أن الثعلب المصري الشاب سمير الاسكندراني قد كان يعبث معهم ويخدعهم طوال عام ونصف العام، وانه سحق كبريائهم بضربة فطنة متقنة، مع
جهاز الإستخبارات المصري، الذي دمر أضخم وأقوي شبكاتهم كليا، وفكروا في الانتقام من الثعلب بتصفية أخوه سامي، ولكنهم فوجئوا بان الإستخبارات المصرية قد بعثت احد أمهر رجالها لإعادته من النمسا، قبل أماطة اللثام عن الشبكة..
وقد كانت الفضيحة الإسرائيلية دولية، وقد كان النصر المصري ساحقا مدويا، واستمع سمير إلي التفاصيل وهو يبتسم، ويتناول الغذاء بدعوى شخصية من الرجل الذي منحه كل حبه وثقته، وعلي مائدة تضم الرجل وعائلته، في منزلهم البسيط..
لقد دعاه القائد جمال عبد الناصر، ليكافئه علي فوزه في هذه اللعبة، التي أثبتت انه ليس فنانا عاديا، أو مواطنا بسيطا، لكن هو يستحق وعن كفاءة، هذا اللقب
(الثعلب المصرى) الذي أطلقوه عليه في جهازي الإستخبارات المصري والإسرائيلي، عندما تسبب فوزه في إقالة مدير الإستخبارات الإسرائيلية هرطابي.
تعليقات
إرسال تعليق